: ( كلمة رئيس المؤسسة ( المهندس سالم القمودي

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين، سيدنا محمدٍ أفضل الخلق أجمعين، زارع حب الخير وإغاثة المحتاج فينا.
يُمثل العمل الخيري سلوكاً حضارياً ترتقي به الدول والمجتمعات، وبدأ يكتسب أهمية متزايدة يوماً بعد يوم، فمعظم الحكومات في العالم –بما فيها الدول المتقدّمة- لم تعد قادرة على سد احتياجات جميع أفرادها وفئاتها؛ وذلك لتوسّع وازدياد هذه المتطلبات أو للبطء والبيروقراطية التي تعاني منها مؤسسات الدولة، ولذلك أضحى العمل الخيري والتطوعي الوسيلة الأنجع للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في عالمنا اليوم.
ومنذ شهر أكتوبر 2011م، موعد انطلاق مؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي الخيرية ودخولها في هذا المعترك الواسع،كنا نحمل رسالة نبيلة مفادها: أنه لا فرق بين إنسانٍ وآخر على أساس اللون أو الدين أو العِرق أو الجنس. كلهم أمامنا سواسية، فالأعمال الخيرية والإنسانية التي تضطلع بها المؤسسة موجهة للجميع في جميع أنحاء المعمورة، إلا أنه وبسبب الظروف التي تمر بها البلاد نركز على الداخل الليبي بالدرجة الأولى، ولذلك وصلت المساعدات التي قدّمتها المؤسسة من غذائية وطبية ودعم نفسي واجتماعي إلى كل ربوع ليبيا، وهي مساعداتٌ مُبرمجة وفق خطة استراتيجية معدّة مسبقاً وليست ارتجالية وليدة اللحظة.
لقد بدأت المؤسسة عملها من نقطة الصفر، حيث أنها بعد تأسيسها كانت تعتمد على التبرعات من أهل البر والإحسان ورجال الأعمال وغيرهم من أصحاب الخير. إلا أنه وعندما زاد حجم العمل، تضخم المشاريع وتشعبها، كما زادت المسؤوليات بسبب تردي الأوضاع المعيشية والأمنية في البلاد، كان لزاماً علينا أن نتواصل مع المنظمات الدولية ذات الاهتمام والاختصاص وصاحبة الخبرة الواسعة في هذه المجالات، وبعد عملٍ شاق استمر لخمس سنوات متواصلة تعد المؤسسة اليوم بفضل الله الشريك الوطني لمنظمة يونيسف، شريك أساسي للهيئة الطبية الدولية في واشنطن، منظمة الصحة العالمية، منظمة الهجرة الدولية، عضوٌ في تحالف المحكمة الإفريقية لحقوق الانسان والشعوب بتنزانيا ولجنة حقوق الإنسان والشعوب بالإتحاد الإفريقي بغامبيا وتقديراً لنشاطها المتميز: حظيت المؤسسة بعضوية المجلس الدولي للمنظمات غير الحكومية "إكفا" بجنيف وهو من أضخم وأرقى المنظمات الدولية التي تضم العشرات من الجمعيات والمؤسسات من مختلف أنحاء العالم.
ولم يقتصر عمل المؤسسة على العمل داخل ليبيا فحسب، بل كانت لها أيادٍ بيضاء في العديد من الأزمات التي حلّت ببعض الدول الصديقة والشقيقة مثل: السودان، مالي وسوريا. أما عن أعمالها داخل الوطن فقد غطته من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، وهي حاضرة في جميع الأزمات والكوارث التي شهدها منذ شهر أكتوبر 2011م، وما قدمناه في السنوات الخمس الماضية يصعب حصره في هذه المقدمة الموجزة.
إن الخطة المستقبلية للمؤسسة (رؤية 2025م) تهدف لفتح مكاتب لها في عدة دول إقليمية وإفريقية لتنتقل إلى العمل الإقليمي والدولي، وتبدأ معها مرحلة جديدة تحتاج إلى الجهد وتراكم الخبرة، ونحن في إدارة المؤسسة نعمل على ذلك بكل جدٍ وإخلاص.
ولم يقتصر عمل المؤسسة على الجانب الإغاثي والخيري فحسب، إنما امتد ليشمل الثقافة أيضاً، ولهذا أفسحنا المجال أمام إدارة الشؤون العلمية بالمؤسسة لتقوم بدورٍ رئيس في هذه المرحلة، إذ أننا في مؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي نؤمن بأن ما تعانيه بلادنا اليوم هو أزمة ثقافة بالدرجة الأولى! من ذلك تعمل إدارة الشؤون العلمية على : عقد المؤتمرات والندوات العلمية والتي منها الندوة العلمية السنوية التي تُعقد في شهر أكتوبر من كل عام عن شخصية علمية أو ثقافية أو وطنية أو فكرية من ليبيا، كما تقوم بطباعة أعمال الندوة في كتابٍ لتعم فائدته على الباحثين، كما أنها تحتفل سنوياً باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر، وفي سنة 2017م نسعى لإطلاق "جائزة الشيخ الطاهر الزاوي للتميز الثقافي والعمل الإنساني" لتُمنح كل عامين مرة لأبرز شخصية أو مؤسسة أغنت المشهد الثقافي الليبي وأَمْيَز مؤسسة أو شخصية أَثْرَت العمل الإنساني في الساحة الليبية.
وركّزت المؤسسة أيضاً على دعم المهتمين بتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم، فهي توفر دورات وورش عمل لا تنقطع مدار العام في مجال تنمية الموارد البشرية لتطوير العاملين فيها أو من خارجها، لتتيح الفرصة أمامهم للتعرف والاحتكاك بخبراتٍ محلية ودولية.
ولا شك أن كل ذلك العمل الضخم يتم على كاهل ثُلّة من الشباب الوطنيين المؤمنين بجدوى العمل الإنساني والمدركين لخطورة المرحلة التي تمر بها بلادنا الحبيبة، منهم من يضحّي بأثمن أوقاته وراحة أبنائه، ومنهم من شغلته عن السعي وراء رزقه، ومنهم من رهن مستقبله من أجل أن تنجح المؤسسة وتشق طريقها إلى الأمام، لتكون اليوم أكبر مؤسسة مجتمع مدني في ليبيا ومن المؤسسات الرائدات على المستوى الإقليمي ولله الحمد، فلكل هؤلاء الغُرّ الميامين أقول: بارك الله في سعيكم وجزاكم الله خير جزاء، وجعلكم مفاتيحاً للخير
مغاليقاً للشر، وهذه هي ثمرة جهودكم المخلصة ضاعفها الله وأنزل فيها بركته، وأضحت المؤسسة اليوم على ما هي عليه من نجاحٍ وحسن سمعة.
ونُشهد الله في ختام هذه المقدمة أن مؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي الخيرية لا تنتمي لحزبٍ أو تيارٍ أيديولوجي أو عقدي، ولا تُمثل فرداً ولا قبيلة ولا جهة محددة، ولن تكون كذلك في المستقبل بإذن الله، فهي تحمل اسم علمٍ من أعلام ليبيا في القرن العشرين، وسوف نحافظ على نقاء هذا الاسم الكبير الذي اخترناه وترسيخ استقلاليتنا وصَوْن مبادئنا التي توافقنا عليها منذ أن بدأنا المسيرة، ونحن واثقون من أن النجاح سيكون نصيبنا ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.


الاعلانات

فيديو المؤسسة

شاهد نشاطات مؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي

أغثِ إنساناً عن طريق التبرع لمؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي وذلك بحساباتنا المصرفية التالية